الأحد، 8 يوليو 2012

مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ‎



كَحَاطبِ اللَّيْلِ
يقول سبحانه وتعالى في سورة المؤمنون " مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ " قال المفسرون : مستكبرين به: أي متكبرين على الناس بسببه تقولون نحن أهل الحرم فنحن أفضل من غيرنا وأعلى ، سَامِرًا: أي جماعة يتحدثون بالليل حول البيت ، تَهْجُرُونَ: أي تقولون الكلام الهجر الذي هو القبيح في هذا القرآن ."تفسير السعدي"
ويقال : هجر في منامه إذا تكلم بما لا يعقل ، ويقال هجر المريض وأهجر إذا هذى "الهذيان".
ومن أمثالهم في هذا: "مَنْ أَكثر أَهْجَرَ" ، يعني أن المكثر بالكلام ربما خرجإلى الهجر وهو القبيح من القول ، ويقال : أهجر الرجل إذا أفحش في المنطق .
وهذا مثل قولهم : من كثر كلامه كثر سقطه ، ومن كثر كلامه كثر خطؤه .
وقال أكثم بن صيفي " المِكْثَارُ كَحَاطبِ اللَّيْلِ " وإنما شبهه بحاطب الليل لأنه ربما نهشته الحية أو لَسَعَتْهُ العقرب في احتطابه ليلاً ، فكذلك هذا المهذار ربما أصاب في إكثاره بعض ما يكره ، قال الفرزدقُ:
كَمُحْتَطِبٍ لَيْلاً أَسَاوِدَ هَضْبَةٍ ... أَتاهُ بِها في ظُلْمَةِ اللَّيْلِ حَاطِبُه
وهو أن المحتطب ليلاً يجمع بين شخت الحطب وجزله ويابسه ورطبه لا يختار لظلام الليل وكذلك هذا المكثر يجمع بين غث الكلام وسمينه ومسنه وجيده ورديئه .

يَمُوتُ الفتى من عَثْرةٍ بلسانِهِ ... وليس يموتُ المرءُ من عَثْرة الرِّجْل
فعثـــرتُه من فِيــــــــــهِ تَرْمِي برأسهِ ... وعثرتُه بالـــــرجْل تَبْـــــرا عـــلى مَهْــــل

وقيل : من كثر ضحكه قلت هيبته ومن مزح استخف به ومن اكثر من شيء عرف به ومن كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه قل حياؤه ومن قل حياؤه قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه .

وَقَالَ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ : لِرَجُلٍ كَثِيرٌ كَلَامُهُ : إنَّ الْبَلَاغَةَ لَيْسَتْ بِكَثْرَةِ الْكَلَامِ ، وَلَا بِخِفَّةِ اللِّسَانِ ، وَلَا بِكَثْرَةِ الْهَذَيَانِ ، وَلَكِنَّهُ إصَابَةُ الْمَعْنَى وَالْقَصْدُ إلَى الْحُجَّةِ .


اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق